خاص - مقالاتلبنان - بلدياتلبنان - بيئة

أزمة النفايات في طرابلس: أزمة إدارة أم فشل في المحاسبة؟

تعيش مدينة طرابلس منذ سنوات أزمة نفايات مزمنة، تتفاقم بشكل دوري مع كل تعثر في جمع النفايات أو توقف في عمل الشركات المتعهدة، وعلى رأسها شركة “لافاجيت”، الموكلة بإدارة النفايات في المدينة. ومع تصاعد شكاوى المواطنين وتراكم أكوام النفايات في الشوارع والأحياء السكنية، تُطرح تساؤلات حادة حول أسباب هذا الفشل المستمر، ومن يتحمل المسؤولية الفعلية.

من هي لافاجيت؟

“لافاجيت” هي شركة متخصصة في إدارة النفايات تعمل في عدد من المدن اللبنانية، من بينها طرابلس. تعاقدت معها الدولة عبر مجلس الإنماء والإعمار بهدف جمع ونقل النفايات من الشوارع إلى مراكز الفرز أو المكبات. وعلى الرغم من سنوات من العمل، فإن أداء الشركة غالبًا ما يُوصف بأنه دون المستوى، ما أثار احتجاجات شعبية متكررة.

جذور الأزمة

لا تعود أزمة النفايات في طرابلس إلى الأشهر الماضية فحسب، بل هي نتاج تراكمات طويلة من سوء التخطيط وضعف الرقابة، فضلًا عن غياب السياسات البيئية المستدامة. من أبرز الأسباب:

عدم دفع مستحقات الشركة من قبل الدولة اللبنانية في أوقات عديدة، مما أدى إلى توقف العمال عن العمل مرارًا.

البُنى التحتية المتردّية، وغياب مطامر صحية ومعامل فرز فعالة في الشمال.

سوء توزيع الحاويات ونقصها في مناطق عديدة، ما يدفع الأهالي إلى رمي النفايات عشوائيًا.

الفساد والمحاصصة في تلزيم ملف النفايات، حيث توزع العقود وفق توازنات سياسية لا وفق كفاءة الشركات.

لافاجيت في مرمى الانتقادات

اتهمت عدة فعاليات شعبية ومدنية، وكذلك بلديات محلية، شركة لافاجيت بعدم الالتزام ببنود العقد، وبتقاعسها عن جمع النفايات بانتظام، لا سيما في الأحياء الشعبية. كما انتشرت صور وفيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر تلالًا من النفايات المتراكمة، ما زاد من الضغط الشعبي.

ترد الشركة بأن المشكلة تكمن في تأخر مستحقاتها من الدولة، وتقول إن إمكانياتها التشغيلية محدودة في ظل غياب تمويل مستقر. كما تُحمّل جزءًا من المسؤولية لغياب الدعم من البلديات ومؤسسات الدولة.

الانعكاسات البيئية والصحية

أزمة النفايات لا تقتصر على المظهر الجمالي أو الانزعاج اليومي، بل لها تداعيات خطيرة على الصحة العامة والبيئة:

انتشار الحشرات والقوارض والأمراض المعدية، خاصة في الأحياء المكتظة.

حرق النفايات عشوائيًا يؤدي إلى انبعاث مواد سامة وخطيرة على الجهاز التنفسي.

تلوث الهواء والمياه الجوفية، مع غياب أي معالجة بيئية سليمة.

هل من حلول جذرية؟

تكمن بداية الحل في تغيير النهج المتبع في إدارة ملف النفايات. ومن أبرز المقترحات:

إعادة النظر في عقود الشركات، وفرض شروط صارمة للرقابة والمحاسبة.

دعم البلديات ماليًا وتقنيًا لتولي جزء أكبر من إدارة النفايات.

إنشاء معامل فرز وتدوير محلية، والتوجه نحو سياسات الحدّ من النفايات.

إشراك المجتمع المحلي في التوعية والفرز من المصدر.

الخلاصة

أزمة النفايات في طرابلس لا يمكن اختزالها فقط في فشل شركة “لافاجيت”، بل هي صورة مصغّرة عن فشل الدولة اللبنانية في إدارة القطاعات الحيوية. وبين شركة تتذرّع بعدم دفع مستحقاتها، ومؤسسات غائبة أو عاجزة، يبقى المواطن الطرابلسي وحده من يدفع الثمن، صحيًا وبيئيًا.

زر الذهاب إلى الأعلى