الحضور التركي في شمال لبنان: دعم إنساني أم استراتيجية نفوذ؟
الحضور التركي في شمال لبنان يشمل مشاريع إنمائية وثقافية، لكنه يثير تساؤلات حول أهدافه الاستراتيجية. هل هو دعم إنساني أم نفوذ سياسي طويل الأمد؟

بدأ الحضور التركي في شمال لبنان يلفت الأنظار خلال السنوات الأخيرة، خاصةً في منطقتي طرابلس وعكار. هذا الحضور المتزايد، الذي يتخذ أشكالًا إنمائية وثقافية، يدفع إلى طرح أسئلة جوهرية حول أهدافه: هل هو مجرد دعم إنساني موجه للمجتمعات الهشة؟ أم أنه جزء من استراتيجية تركية أوسع لتعزيز النفوذ في المنطقة؟
دعم محلي لبيئة بحاجة إلى مساعدات
نفّذت الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (TIKA) العديد من المشاريع في شمال لبنان، ما عزز الحضور التركي في شمال لبنان. تضمنت هذه المشاريع:
- ترميم المدارس والمستشفيات.
- دعم الطلاب اللبنانيين عبر المنح الدراسية التركية.
- توزيع مساعدات غذائية على آلاف الأسر المحتاجة.
- ترميم مساجد عثمانية وإحياء معالم تراثية تعكس الروابط التاريخية بين لبنان وتركيا.
هذا الدور ترك أثرًا إيجابيًا في المجتمعات المحلية، التي وجدت في الدعم التركي بارقة أمل في ظل غياب الدور الفعّال للدولة اللبنانية.
بعاد استراتيجية وتاريخية
يرى عدد من الباحثين والخبراء أن الحضور التركي في شمال لبنان لا يُمكن قراءته فقط من الزاوية الإنسانية. فالنشاط التركي يعكس أيضًا توجهًا استراتيجيًا طويل الأمد يهدف إلى:
- تعزيز النفوذ التركي في المناطق ذات البعد الإسلامي-العثماني.
- ملء الفراغ الإنمائي والخدماتي الذي تعاني منه الدولة اللبنانية، خاصة في الشمال.
- توطيد الروابط الثقافية والتاريخية عبر أدوات القوة الناعمة، كالتعليم، والعمارة، والمساعدات.
خلاصة:
الحضور التركي في شمال لبنان ليس ظاهرة عابرة. فهو يحمل في طياته أبعادًا إنمائية وثقافية وإنسانية، لكنه يثير أيضًا تساؤلات مشروعة حول الطموحات الجيوسياسية لتركيا في المنطقة. وبين من يرى فيه شريكًا داعمًا، ومن يعتبره لاعبًا استراتيجيًا، تبقى الحقيقة مرتبطة بتحليل سياقي معمّق لما يجري على الأرض.